Les troubles neuropsychologiques de la production des mots
الاضطرابات السيكولوجية العصبية
في إنتاج الكلمات
ترجمة: عبدالغفور البقالي
إنّ الحالة الأكثر دهشة هي التي يمثلها المريض الإيطالي المدعو دانتي Dante، والتي تمّ وصفُها من طرف ويليام بديكير William Badecker[1] وزملائه (بديكير وميوزو وزانوتيني، 1995). لقد أظهر دانتي انفصاماً واضحاً جدًّا بين إمكانية القدرة على رصد مدلول والجنس النحوي للكلمات (أسماء وأفعال) والاستحالة التامّة لرصد التمثيلات الصِّواتية الملائمة. وبصفة خاصّة، لم يستطع هذا المريض تسمية 111 رسماً لأشياء محسوسة، ولكنه استطاع أن يٌقدِّم المعلومة الدلالية بدقّةٍ وكذلك الجنس النحوي بمثابة 106 مرة (من 111)، أي بنسبة 95% من الحالات. ومع هذا فهو عاجز بالمرة لرصد أدنى معلومة صِواتيّة (وإملائية) فيما يتعلق بهذه الرسوم. وفي مهمة إتمام الجمل، بحيث ينبغي عليه أن يكمل الجمل على النحو التالي :
- الرياضي الذي يصل الثالث في سباق يستلم الميدالية------------------
استطاع دانتي مرّةً أخرى أن يرصد جيداً الجنس ومدلول الكلمات بدون أن تكون له القدرة على إنتاجها، ولا حتى على اشتقاق أية معلومة صِواتيّة، ولو جزئية.
واختبر ميوزو وكرامازا بتفصيل مستفيض المريض دانتي، فاستطاعا أن يٌبيِّنا أن رصْدَ الخاصيات التركيبية يمكن حفظها مع وجود صعوبات كبيرةٍ لرصد التّمثيلات الصِّواتية. وبينا بالتالي أن الخاصيات التركيبية للأفعال قد تمّ تمثيلها بصفة مستقلة عن أشكالها الصِّواتية. وطُلِب من دانتي إتمامَ جُملٍ قُدِّمت له شفوياً بإنتاج فعلٍ مٌتعدٍّ أو لازمٍ مصحوباً بمساعده (auxiliaire)، كما هي الحال في الأمثلة التالية :
[صوّتا]
- البارحة، ماريا وماركو ----------- لصالح المرشح رقم 1.
[أشرقت]
- البارحة صباحاً، الشمس----------- على الساعة 5 و30 دقيقة.
فاستطاع دانتي أن يٌنتج 115 فعلاً من أصل 185 (أي بنسبة 62% من الأفعال). ولكن، لم يستطع إنتاج 70 فعلا (أي 28%)، 17 فعل متعدّ و53 لازم. ولوحظ انفصام حادّ بين قدرته في كشف شكل المُساعد وانعدام مهارته في كشف الصّوتية الاستهلالية. ففي 99% من الحالات،كان يختار جيداً شكلَ مُساعدِ الفعل المناسب، ولكنه اعتمد على الحظ في اختيار الصَّوتية الاستهلالية الملائمة. وتجدر الإشارة أن هناك خاصية مهمة لنظام المساعد بالنسبة للأفعال في الإيطالية هي أن المساعد لا يمكن أن يشتق من المميزات الدلالية أو من الخاصيات الصِّواتية للفعل. فالمساعد المرتبط بالفعل هوظاهرة تركيبية اعتباطية للكلمة. وهكذا فإن رصد المعلومة المتعلقة بمساعد الفعل يتوقف على رصد جيِّد للسّمات التركيبية للكلمة. وأوضحت النتائج أن دانتي يستطيع رصد مساعد الأفعال التي لا يقدر على إنتاجها. وإضافة إلى ذلك، فانفصامه بين قدرته على رصد الخاصيات التركيبية للأفعال بدون أن يقدر على رصد التمثيلات الصِّواتية الملائمة يُبيّن أن المعلومات التركيبية يمكن أن تُرصَد بصفة مستقلة عن مدلولاتها الصِّواتية.
فإنجازات دانتي تتباين بشدة مع تلك التي توصّل إليها مريض إيطالي آخر والمدعو F.S. و يشكو هذا الأخير من مجموعة من الاضطرابات المعاكسة [2] (ميتشلي Miceli وكرامازا، 1988). وعلى العكس من دانتي، يشكو المريض F.Sمن اضطراب انتقائي لرصد الخاصيات النحوية للأسماء والأفعال، وليس الأمر كذلك بالنسبة لأشكالها الصِّواتية. فهنا تُرصد جيداً المفردة المجردة رغم استحالة رصد الخاصيات التركيبية للكلمة المعتمدة.
وبما أن المعلومات التركيبية والصِّواتية يمكن أن تكون موضوع العجز الانتقائي (déficits sélectifs) توحي أن المعلومة التركيبية والمعلومة الصِّواتية تُمثّل بوضوح. ومع هذا، فإن هذا الانفصام المزدوج يوحي أيضاً أن المعلومة التركيبية والمعلومة الصِّواتية يمكن أن تُرْصد بصفة مستقلة الواحدة عن الأخرى. وهذا الاستنتاج هو في حد ذاته إشكاليّ بالنسبة لنموذج الوُلوج إلى المعجم المُقدّم من طرف ليفلت Levelt وبوك Bockوآخرين ؛ وقد اقترحوا أن رصْد معلومات صِواتية يمر حتماً عن طريق رصْد الخاصيات التركيبية. وبالتالي ينبغي أيضاً ترجمة العجز في مستوى الخاصيات التركيبية باضطراب رصْد المعلومات الصِّواتية الملائمة. ومع هذا فإن المريض F.S يُظهر أنه بالإمكان رصْد المعلومات الصِّواتية بصفةٍ مستقلّةٍ عن الخاصيات التركيبية.
[
ومجمل القول أن معطيات علم النفس العصبي تشير أن المعلومات التركيبية والصِّواتية تُمَثّل بصفة منفصلة وتُرْصَد بصفة مستقلة.
وحسب كرامازا وميوزو (1997)[3]فإن حقيقة الجنس النحوي لكلمة قد يٌمكن رصْدها جيداً في غياب تامِّ للمعلومة الصِّواتية وتشيرهذا إلى أن الجنس النحوي يُمثَّل بصفة مستقلة عن المعلومة الصِّواتية. وتتطابق هذه النتائج مع أيّ نظرية الولوج إلى المعجم، فهي بالتالي تُميز بيْن التّمثيلات الصِّواتية والتّمثيلات التركيبية للكلمات. ومع هذا، اقترح كرامازا [4](1997) نموذجاً مختلفاً جذرياً عن النموذج التقليدي ذي المرحلتين. وفي هذا النموذج :
(1) تؤثر العوامل الدلالية والتركيبية الإنجازات بصفة مستقلة عن العوامل الصِّواتية؛
(2) ولا يتوقّف (بدقة) رصْد المعلومة الصِّواتية لكلمة على انتقاء سابق للمعلومات التركيبية. وبتعبير آخر، فإن رصْد المعلومة التركيبية ليس ضروريا لرصد المفردة المجردة حسب كرامازا. وخصوصاً، ففي سلسلة من التجارب المستعملة لظاهرة الكلمة-على-طرف-اللسان (mbl)، بيّن كرامازا وميوزو أن المعلومة الصِّواتية لكلمة في الـmbl يمكن أن تُرصَد حتى ولو كان المتكلم غير قادر على رصد أدنى معلومة تركيبية متعلقة بتلك الكلمة. وهكذا، فإن هذه النتائج تمثل تحدٍّ للنموذج التقليدي للولوج إلى المعجم على مرحلتين، والذي يعني أن النظام المعجمي يتألف من مستويين، مستوى المعايير (lemmas) ومستوى المفردات المجردة(lexème) ، واقترح كرامازا وميوزو حذْفَ مفهوم المعيار وأشارا أن :
(1) المعلومة النحوية تُحدّد وتُرصد بصفة مستقلة عن المعلومة الدلالية والصِّواتية؛
(2) وأن انتقاء التمثيلات (المعجمية) الدلالية لا تضمن الولوج إلى المعلومات التركيبية؛
(3) وأن الولوج إلى المعلومات الصِّواتية لكلمةٍ لا تتوقف حصْراً على النفوذ المُسبَق إلى المعلومات النحوية.
[1] Badecker, W., Miozzo, M. & Zanuttini, R. (1995), « The two-stage model of lexical retrieval : Evidence from a case of anomia with selective preservation of grammatical gender », in Cognitions, 57, 193-216.
Miceli, G. & Caramazza, A. (1988), « Dissociation of inflectional and derviational morphology », in Brain and language, 35, 24-65
[3] Caramazza, A. & Miozzo, M. (1997), « The relation between syntactic and phonological knowledge in lexical access : evidence from the ‘tip-of-the-tongue’ phenomenon , in Cognition, 64, 309-343
[4] Caramazza, A. (1997), « How many levels of processing are there in lexical access », in Cognitive Neuropsychology, 14, 177-208
A découvrir aussi
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 50 autres membres