LEXICARABIA

LEXICARABIA

La perception catégorielle et la problématique de la spécificité du traitement de la parole

الإدراك النّمطي

وإشْكالية خُصوصية معالجة الكلام

 

ترجمة : عبدالغفور البقالي

 

128ED4FD-1F36-46ED-BC21-E9D1E1E80195.gifكما تقدّم ذكره، فإنَّ التمييز(discrimination) بين الصّوامت المجهورة والمهموسة التي لها نفس حيِّز التّلفُّظ يستندُ على الاختلاف الحاصل في توقيت انطلاق الصّوت أوVOT  (voice onset time). ففي اللغة الإنجليزية عندما يكون هذا الفاصل الزّمني أقل من 25+ ميليثانية (مث) يكون الصّوت المُدْرَك مجهوراً، بينما إذا تجاوز35 ميليثانية (ms) فسيكون الصّوت مهموساً. فاستعمال هذا العنصر يؤدِّي إلى بناء سلسلة أصواتٍ توْليفية تتوزّعُ على سبيل المثال ما بين -10 مث  إلى +60 مث بخطْوة من 10 مث.

 

إنّ عرْض أصواتٍ بترتيبٍ افتراضيٍّ لسلسة مٌتماثلة مع الامتدادية p/b متبوعة بالصائت /a/  أثناء عملية التّعرُّف (identification) تُبيِّن أنّ المُستمِع يُدرك أصْوات -10 ، 0 ، 10 ، +20 مثل "ba"، بينما الأصوات التي تتوفّر على القِيَّم +30 ، +40 ، +50 و +60 يتمُّ إدراكها "pa". فبعد مرحلة التّعرُّف نُسمعُ الفاعل أزواجاً لهذه المُحفِّزات (stimuli) ونُطالبُه أنْ يتعرّف إذا كان الصّوتان المُقدَّمان مُتطابقين أم مختلفين (عملية التّمييز)، فسنستشِّفُ أنّ الفاعل لا يعتبر الاختلاف إلاّ في المُحفِّزات التي أدركها كما هي أثناء مرحلة التّمييز. وهكذا سيعتبر الفاعل أنَّ الزّوج المُكوِّن من المُحفِّزتين +10 و +20 "مُتطابقتان"؛ بينما سيعتبر أنّ تلكما المُشتملتين على الزوج +30 و+40 "مختلفتان". وبهذا يكون الفاعل غير قادرٍ على التَّمييز بين أصوات صنّفها سابقاً على أنها تنتمي إلى نفس الفئة "ba" أو "pa". ونسجّل هنا أنّ الفرق الزمنيّ بين المُحفِّزات والزّوْجين مُتطابق. أما فروق الإنجاز يمكن ردُّها إلى خاصِّيات النِّظام الإدراكي للمعالجة (système perceptif de traitement) وليس إلى أهمية الاختلاف المادِّي في حدِّ ذاته بين عناصر الزّوجين.

 

إنَّ إنجازات التَّمييز المُتطابقة مع عملية التَّعرُّف تشكِّلُ معياراً عمليّاً عند التّحدُّث عن إدراك الكلام "النَّمطي" (انظر شكل 11).

image 165.jpg

 

شكل 11. مُنحنى التَّمييز والتَّعرُّف على المقاطع /ba/ و /pa/ وفْقاً لقيمة VOT (توقيت بدْء الصَّوت)

 

إنَّ الطبيعة النَّمطيَّة لإدراك الصَّوامت الانْغلاقيَّة قد لوحظ في أبعاد أخرى غير VOT. ففي الواقع، إدراك هذه الصَّوامت حسب حيِّز تلفُّظها (ba مُقابل da ،pa  مُقابل ka ، الخ.) هي بالتَّالي من الطَّبيعة النَّمطيَّة.

 

لقد اعْتُبرت الطبيعة النًّمطية للإدراك كخاصيةٍ مُحدَّدةٍ جداًّ لإدراك الكلام ، وأُعْطِيَتْ دوراً وظيفيّاً مهمّاً. ففي الواقع، لقد أثرنا الانتباه إلى أنَّ الطَّبيعة النَّمطية للأدراك يُمكنها تسهيل مُهمَّة المُستمِع في مواجهة التَّبايُن الحادِّ لإنتاج أصوات الكلام، وذلك بتمكينه تجاهُل الاختلافات الإصغائيَّة التي تفتقد إلى القيمة الأصواتيَّة. وقد تُمكِّن الطِّفل أيضاً الذي يتعلَّم النِّظام الصِّواتي (système phonologique) للغته مواجهة التَّبايُن الحادِّ للإنتاج مُختلَف القِطَع الصَّوتيَّة.

 

وقد أكَّدت تجارب أُجريت على أطفالٍ صِغارٍ جداً الطبيعة النَّمطية لإدراكهم للصَّوامت الانغلاقية (consonnes occlusives). وقد بيَّنت هذه التيجة أنَّ خاصية إدراك الكلام ليست عملية مُركَّبة للتَّعلُّم بل متتطلّبُ تفاعُلاً مُهماً مع البيْئة اللُّغويَّة. ليس على الطِّفل إذن أن "يتعلَّم" تجاهل بعض التَّغيُّرات الإصغائيَّة التي لا قيمة أصواتيَّة لها. فنظامه الإدراكي يبدو مهيَّأً بأخذ بعين الاعتبارالفوارق التي يُحتمل أن تستعملها اللُّغات الطبيعية للتَّمييز بين الصّوتيات (phonèmes). وهذا لا يعني بالمُقابل أنَّ كل الخاصِّيات التي لا تتوفَّر على قيمة تمييزيَّة سيتمُّ تجاهلها من طرف الطفل، لأننا نعلم من جهة أخرى أنَّ الرَّضيع يستطيع، مثلاً، التَّمييز بين صوت أمِّه وصوت غريبة عنه في سيَّاقٍ أصواتيٍّ متطابق[1].

 

بدون أنْ نعيد التَّساؤل حول أهميَّة الإدراك النَّمطي المُتعلِّق بإدراك الصَّوامت الانغلاقية، فهناك أبحاثاً حديثة أدَّتْ إلى تعديل تفسير هذه الظَّاهرة. وقد بيَّنتْ هذه الأبحاث أنَّه بالنسبة لبعض أصوات الكلام يشتمل النَّمط على بِنْية داخلية بحيث أنَّ وحدات "نفس" النَّمط الأصواتي ليس بالضرورة أنْ تكون لهن نفس الوضعية الإدراكية. تبدو بعض نُسخ النَّمط أكثر تمثيليَّة أو أنموذجيَّة (prototypiques) من غيرها. عند إدراك الأصوات الأقل أنموذجيَّة يتمُّ "إبدالها" بأصوات أنموذجيَّة.

 

إنَّ تسليط الضوء على الطبيعة النَّمطيَّة لإدراك بعض أصوات الكلام لعبتْ دوراً  أساسياً في تطوير النظريات العامَّة للإدراك والتي سنتعرَّضُ لها لاحقاً. يكفي أنْ نؤكِّد هنا أنَّ ليبيرمان Liberman ومن أجل تفسير الطبيعة النَّمطيَّة لإدراك الصَّوامت اعتبر وجود طريقة مُتخصِّصة لعلاج أصوات الكلام. حسب هذا الكاتب فإنَّ إدراك الأصوات تستدعي إجراءات لعلاجات مُختلفة عن تلك التي يتمُّ بواسطتها علاج أنواعٍ أخرى من العلامات الإصغائيَّة.

وقد قدَّم ليبيرمان ظاهرةً ثانيةً لدعم فرضيَّة خُصوصيَّة علاج الكلام، وتتعلَّق بإدراكٍ مُزدوجٍ أو "ازدواج الإدراك"(«duplex perception»).

 

وتتطلَّبُ هذه الظاهرة توضيحاً لعرْض مُؤشِّر إصغائي متوافق مع انتقال المُكوِّن الثالث (F3) إلى أذُن، وباقي المقطع (أو "أساس") إلى الأذن الأخرى ؛ فيُولِّدُ عند المُستمِع إدراكاً مُتزامناً بعلامتين مُتميِّزتين بشكلٍ جلِيٍّ : علامة متوافقة مع المقطع (وذلك بفضل إدماج انتقال المُكوِّن الثالث في الأساس)، وعلامة غير- لغوية مُتوافقة مع إدراك الانتقال وحده. وبهذا ستُدرَك نفس المعلومة الإصغائيَّة وكأنها كلام عندما  تُدمَج في باقي المقطع، وبصفتها لا- كلام (non-parole) في حالة إدراكها مُنفردة. فحسب ليبيرمان هذه الإمكانية لإدراك معلومة إصغائيَّةٍ بصفةٍ مُتزامنةٍ وكأنها من طبيعة شفهية أو غير شفهية لتُشكِّل حُجةً مُهمةً لدعم مبدأ خصوصية طريقة علاج الكلام[2].

 

ونشير في الخلاصة أنَّ مراجعة ظواهر كانت تُعتبَر نوعيَّة لإدراك الكلام، وهي العلائق التَّعويضية (trading relations). ومثال في هذا المجال هو تعديل المُستمع لتدفُّق الكلام (débit de parole). وقد  بيَّن ميلر Miller وليبيرمان أنَّ التفسير الذي يقدمه المُستمع لنفس العلامة الإصغائيَّة يمكن أنْ تتغير بصفة منهجية حسب تدفُّق كلام المُتكلِّم. فالعلامة المُستعملة للتَّعرُّف على الفرق بين /ba/ و /pa/ ستعتمد على تدفُّق الكلام. وهذا يبيِّن أنَّ تفسير  المُؤشِّر  يعني الأخذ بعين الاعتبار المتزامن مع هذه الخاصية الأساسية للكلام وهي التَّدفُّق.

 

 

راجع المقالات الآ تية لتتَّضح المعنى أكثر :

المميِّزات العامة لأدراك الكلام حسب التجارب التوليفية الإصغائية

 



- [1] (راجع Mehler et al.(1978) «Infant recognition of mother’s voice» in Perception,7,491-497) ]مقال في مجلة Perception   بعنوان "الرَّضيع والتَّعرُّف على صوت الأم")

 

[2] راجع "some effects of later-occurring information on the perceptiion of stop connsonant and semivowel», 1979,  in Perception & Psychphysics, 25, 457-465). ("بعض تأثيرات  المعلومة التي تحدث بعد إدراك الصَّوامت وشبه مُصوِّت".

 



09/05/2020
0 Poster un commentaire

A découvrir aussi


Ces blogs de Littérature & Poésie pourraient vous intéresser

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 50 autres membres