Stratégie éducative en milieu rural
الاستراتيجية الوظيفية
وانعكاساتها في ضبط الاهداف والمضامين التعليمية والتعلمية
في الوسط القروي
عبد الغفور البقالي
إن البيئة لها قيمة حيوية في وضع وإعداد إستراتيجية تعليمية وتعلمية هادفة ومتماسكة الأسس والمرامي، لأنها توظف العلائق الطبيعية والسيكولوجية بين مختلف مكونات المحيط المستهدف. وتكون بالتالي بمثابة أداة "خلق تماسك الذاتي" (inventer sa solidarité) حسب تعبير الفيلسوف الفرنسي André Glucksmann بين الهدف أو الأهداف المتبعة والبيئة، أو بعبارة أخرى، الدفع بالفرد المكون إلى إقامة علائق حرة وبناءة مع الآخر ومع المحيط السسيوثقافي الذي يتفاعل فيه. وهذا ما يطلق عليه Ivan Illich -صاحب نظرية "المجتمع بدون مدرسة" أو "اللامدرسية"- "البهجة" (convivialité).
(من خلال مشاركتي وتتبعي بإمعان لوقائع الندوة التربوية المنعقدة بالمركز التربوي الجهوي بطنجة ، أيام 24،25،26 ماي 1995، لمناقشة وتفعيل "التكوين وعلاقته بالتدريس في الوسط القروي. نحو إعداد بيداغوجية التدريس في الوسط القروي".)
ومن خلال رصد بعض المعطيات التربوية والهيكلية والتنظيمية الرسمية التي نوقشت طوال هذه الأيام، وبالخصوص تلك التي ركز عليها أحد المتدخلين من أطر التربية الوطنية. وتعرض هذا المسئول التربوي على عينة معبرة من إقليم شفشاون، والتي تطرح بحدّة المشاكل في هذه النيابة "القروية". فارتسمت في ذهني أفكار تتمحور أساسا حول دور البيئة (environnement) في تكوين الفرد والرفع من مستواه الثقافي والاجتماعي، لأن البيئة –في مفهومها الشمولي- هي التي تحدد بصفة موضوعية العلائق بين الملقن والملقن من جهة، وبين الملقن وأهداف ومحتوى النشاط التربوي من جهة أخرى.
فتبقى البيئة بهذا المفهوم ذات قيمة حيوية في وضع وإعداد استراتيجية تعليمية/تعلمية هادفة ومتماسكة الأسس والمرامي، لأنها توظف العلائق الطبيعية والسيكولوجية بين مختلف مكونات المحيط المستهدف. وتكون بالتالي بمثابة أداة "خلق تماسك الذاتي" (inventer sa solidarité) حسب تعبير الفيلسوف الفرنسي André Glucksmann بين الهدف أو الأهداف المتبعة والبيئة، أو بعبارة أخرى، الدفع بالفرد المكون إلى إقامة علائق حرة وبناءة مع الآخر ومع المحيط السسيوثقافي الذي يتفاعل فيه. وهذا ما يطلق عليه Ivan Illich -صاحب نظرية "المجتمع بدون مدرسة" أو "الللامدرسية"- "البهجة" (convivialité).
وهذه النظرية قد تبدو للوهلة الأولى تعبر عن "حتمية آلية" لأنها تخضع لنمط التربوية والتعليم ومراميهما المستقبلية إلى حتمية عامل البيئة التي تحتضنهما، وتؤثر فيهما سلبا أو إيجابا، ولكنها في الحقيقة ترمي إلى إيجاد نمط تعليمي يستقي مشروعيته من هذا البعد السسيوتربوي. فالوسط القروي الذي نحن بصدد دراسته لا يمكن في كل الحالات فصله عن البيئة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، لأن هذه البيئة هي التي يجب أن تحدد المرامي والأهداف المتوخاة من كل استراتيجية تعليمية/تعلمية معقلنة. عن وضع الخطة التعليمية ينطلق إذن من معطيات الواقع النفسي والسسيوثقافي والاقتصادي والبيئي للمتعلم، لأنه هو المستهدف في عملية التعليم والتعلم.
إن إشكالية التعليم في الوسط القروي ما فتئت تعرقل –بصفة حادة- المسيرة التعليمية ببلادنا، وذلك أن وضع أسس تربوية متكاملة وهادفة ما زال –في رأيي- في طور التجارب التي لم تثمر بعد، والتي تمثل الفشل الجزئي للمخططات التربوية. وانطلاقا من هذه الفرضية، أود أن أدلي بدلوي لتبيان الأسس التي من البديهي أن تبنى عليها الإستراتيجية التعليمية المستقاة من دراسة الواقع القروي وخصوصياته الثقافية والجهوية، وعلاقاته بالهياكل التربوية الرسمية التي تعمل جاهدة لـ"تعميم التعليم"، وربطه في آن واحد بعجلة العالم "المتمدن" ولو على حساب البيئة التي تطبق فيه هذه النماذج.
وحتى تتضح لنا هذه الفرضية، أرى لزاما إقامة مجموعة من المحاور تكون بمثابة خطوط عريضة لاستراتيجية ترشيد العملية التعليمية/التعلمية في الوسط القروي، وهي:
- المحور الأول: الاحتفاظ بالتعليم التقليدي والعمل على تطويره.
- المحور الثاني:رسم استراتيجية وظيفية محددة المعالم للتدريس في الوسط القروي.
- المحور الثالث:إعداد مناهج وبرامج ملائمة.
I. أهمــية التعليم "العتيق"
يجب الاحتفاظ -أو بالأحرى- تطوير التعليم العتيق الذي يهتم بدراسة العلوم النقلية في "كتاتيب"، تتوزع غالباً على كامل التراب الوطني وذلك للأسباب التالية:
1. المحافظة على تراث أصيل
2. تكوين شرائح ثقافية دعوية، تعنى بتربية المجتمع من الناحية العقدية و الأخلاقية.
3. استطاعة هذا النمط من التعليم اختراق الإيجابي للوسط الذي ينمو فيه وينفاعل معه، بمعنى أن المدرس- الفقيه لا يجد كما نعلم أية صعوبة في التواصل و التعايش مع القرويين، وذلك لإلمامه، بصفة تجريبية -بالظروف السيكولوجية التي لا يتميز بها القروي، وتعامله بواقعية مع المحيط السوسيوثقافي الذي يعيش داخله.
4. استيعابه عدد لا يستهان به من المتعلمين ( ففي إقليم شفشاون مثلاً حدد عدد المسجلين في الكتاتيب ما يربو على 24000 تلميذ)، وذلك تخفيفاً على المدرسة الحديثة التي لم تعد قادرة على تحمل أعباء المتمدرسين، وهذا راجع بصفة خاصة إلى النمو الديمغرافي الذي تتميز به بلادنا، والذي أدى إلى "تفجر دراسي" يتطلب نفقات متزايدة.
5. لا يحتاج هذا التعليم الى تجهيزات بيداغوجية مهمة، لأنه يرتكز أساساً على أساليب تربوية جد بسيطة، وعلى ميكانيزمات تلقائية تحدد العلاقة بين المعلم و المتعلم.
وحتى لا نشعر المتعلمين المستفيدين من هذا النمط من التربية والتعليم، يجب أن تطور المناهج والأدوات الديداكتيكية داخل منظومة بيئية معقلنة، وأن تمنح بالتالي نفس الامتيازات لخريجي هذا النوع من التعليم، بمعنى أن يكون وسيلة لتحقيق التكافؤ في الفرص، وليس أداة لصياغة شخصية مقهورة ومهمشة.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يجب أن نعمل على توضيح أهداف ومرامي المدرسة الحديثة التي يجب أن تكون موضع احترام من طرف الوسط الذي توضع فيه، فهي بذلك ليست جسماً غريباً يزرع –بصفة قهرية- داخل القرية، ولكن هذه المؤسسة يجب أن تعمل على تحقيق الإشباع التعليمي، وربط علاقات طبيعية وواقعية مع الوسط المستهدف.
للمزيد اضغط هنا...
A découvrir aussi
- Principes fondateurs de la mise en situation professionnelle (MSP)
- Fiche d'évaluation des MSP ou stages pratiques
- L'analphabétisme générateur de méfaits sociaux 2/2
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 50 autres membres